Mohamed Beshir Hamid

نحو إستراتيجية أشمل للحركة الطلابية فى السودان

نحو إستراتيجية أشمل للحركة الطلابية فى السودان:

“القطاع الثالث” وإمكانية الانتقال إلى الحراك الاجتماعى

 

محمد بشير حامد

 

 

نشرت هذه الدراسة فى مطلع 2015 فى مجلة (كتابات سودانية) التى يصدرها مركز الدراسات السودانية فى القاهرة

 

تمهيد:

 

قُدمت هذه الدراسة للمنتدى البيئى للجمعية السودانية لحماية البيئة فى۲۱ نوفمبر ۲۰۱۲ وكانت امتداداً۫ لبحث باللغة الإنجليزية عن The Rise and Decline of Student Political Activism in the Sudan (تصاعد وانحسار الحراك السياسى الطلابى فى السودان ) قُدم فى مؤتمر:

National Conference on Fostering Political Participation of University Students in Development

(المؤتمر القومى لرعاية المشاركة السياسية لطلاب الجامعات فى التنمية) والذى نظمه مركز السودان للبحوث التربوية بدعم من الاتحاد الأوربى فى ديسمبر ۲۰۰۹.

 

وقد اثارت الدراسة بعض الجدل عند مناقشتها فى المنتدى فقد رأى البعض فيها دعوة انصرافية للتخلى عن الحراك السياسى من اجل حراك اجتماعى لم تكتمل اركانه ولا ندرى بعد مقدرتنا على ادارته أو تحقيقه. وكان هذا النقد فى حد ذاته اجابة صريحة وجادة لتساؤل اثارته الدراسة نفسها حول اذا كانت هناك اصلا امكانية لمثل هذه النقلة بين الحراكين أو حتى الجمع بينهما أم أنها مجرد تصورنظرى قد يصعب أو يستحيل ترجمته على أرض الواقع؟ وبعد تقديم الورقة بعدة شهور جاء نفير الشباب فى خريف ٢٠١٣ ليضع ذلك النقد ذاته امام تساؤلات جديدة وهامة: هل وضعت هبة النفير حدا لشكوكنا فى مقدرة الشباب فى تنظيم حراك مجتمعى فاعل أو أن النفير كان انفلاتا عفويا وحدثا عابرا يصعب أو يستحيل تكراره لمقدرة قوى السلطة على اجهاضه، كما فسر البعض غيابه خريف ٢٠١٤؟ وهل كان تفجر انتفاضة سبتمبر فى اعقاب النفير مباشرة مجرد مصادفة زمنية (بسبب رفع اسعارالمحروقات مثلا) أو ان تجربة النفير مهدت لها تنظيميا وزادت من نطاق دعمها شعبيا واتساع رقعتها جغرافيا؟ وهل كان سبب محاولات النظام افشال حملة النفير بدلا من تشجيعها ان السلطات رصدت الابعاد السياسية والامنية لذلك الحراك المجتمعى وتحسبت لها فنشطت فى تفعيل آليات القهر والعنف مع اول ارهاصات انتفاضة سبتمبرأم أن مثل ذلك التحسب والتفعيل الأمنى كان اصلا فى استراتيجية النظام القمعية فى التصدى لأى بادرة تحرك شعبى كماحدث فى ٢٠١٢؟

 

قد يجد البعض سهولة فى الرد على هذه التساؤلات ايجابا أو نفيا وقد يبدى البعض تحفظات فى الربط بين الحراكين أو الفعل وردود الفعل وقد يرى آخرون ان الوقت لم يحن بعد لتقييمهما علميا فى غياب افادات من قام بالتنظيم أو الاشترك وانعدام المساءلة الجنائية لمن قاموا بعمليات الاغتيال والقمع الدموى. ومهما يكن من امر وبغض النظر عن التقديرات لما تحويه وجهات النظر المختلفة من صواب اوخطأ على ضوء ما حدث سابقا أو استجد لاحقا فقد رأيت نشر الدراسة فى نصها الأصلى مع أقل قدر ممكن من التعديلات والتى انحصرت فى بعض الاختصارات التى لا تخل بالمعنى واضافة عدة فقرات عن نفير خريف٢٠١٣ فى الموقع الذى اشرت فيه أصلا لمفهوم “النفير” بشكل عام فى الدراسة الأصلية، مع اضافة بعض المعلومات الجديدة فى الهوامش والمراجع.

 

القطاع الثالث ومجالات الحراك الإجتماعى:

 

ركز المحور الأساس للبحث الأول على المراحل التاريخية التى مرت بها حركة الطلاب السودانية، بٙدأﹰ بمناهضة الاستعمار منذ أربعينات القرن الماضى، مروراﹰ بعصرها الذهبى الذى توجته بقيادة ثورة اكتوبر ۱۹٦٤ ثم بداية الانحدار ببروز ظاهرة العنف وسط الطلاب وتزايد وتيرة القمع الأمنى إلى أن جاءت الطامة الكبرى فى عام ۱۹۹۰ فى شكل “ثورة التعليم العالى” لتضع الحراك السياسى للطلاب فى محنة بإخضاع كل مراحل التعليم لأهداف واستراتيجيات سياسية محددة سلفاﹰ،لعل من أهمها احتواء أو تحجيم النشاط الطلابى السياسى وفرض نظام من القيم التى تنحو تجاه مصادرة حرية الفكر وتشجيع التبعية العقائدية وكبت المبادرات الفردية. وقد استبان هذا فى التدنى المضطرد لنوعية ومستوى التعليم فى كل مراحله ومستوياته.

 

وتبدأ هذه الدراسة حيث انتهى البحث الاول بالنظر فى امكانية توجه النشاط السياسى (political activism) نحو الحراك الاجتماعى (social activism) الذى يدور داخل المجتمع المدنى بل هو جزء لا يتجزأ منه. والتصور العام لهذا التوجه أنه غاية فى حد ذاته ووسيلة فى آن لتفعيل حراك سياسى تسنده وتشد من أزره قطاعات مجتمعية قد يلعب الحراك الإجتماعى دوراﹰ أساسياﹰ فى كسب تعاطفها ومساندتها.

 

إن المحور الرئيس لهذه الدراسة ذو شقين: الأول يتعلق بالمكون المجتمعى بمعنى دراسة إمكانية النقلة من دور الطلاب السياسى إلى الحراك الإجتماعى وجاهزية القطاع الثالث (بالمعنى الأكثر شمولاﹰ للمجتمع المدنى) للمساعدة فى دعم مثل هذا التوجه. هذا قد يثير العديد من الأسئلة: هل هناك أصلاﹰ إمكانية لمثل هذه النقلة أم هى مجرد تصورنظرى قد لا يمكن تطبيقه عمليا؟ ما هى القوى المتداخلة فى القطاع الثالث التى قد تساعد فى تفعيل الحراك الطلابى؟ ما هى الإيجابيات التى يمكن دعمها والسلبيات التى يتوجب تفاديها؟ ولعل النظرفى بعض جوانب تجربة الجمعية السودانية لحماية البيئة كرافد من روافد القطاع الثالث قد يفيد فى الإجابة على بعض هذه التساؤلات.

 

والشق الثانى يتعلق بالمكون التعليمى، فالنقلة من الحراك السياسى إلى الإجتماعى لا يمكن أن تتم فى غياب الثقافة التعليمية اللازمة. وفى الوقت الراهن فإن القليل من مؤسسات التعليم العالى تُعنٙى بتعليم التواصل مع المجتمع المحلى (community outreach). ويمكن الاستفادة من التجربة الرائدة لجامعة الأحفاد للبنات بايجابيتها وسلبياتها فى هذا المجال وكذلك الإحتذاء بانماط للتواصل المجتمعى أكثرتطوراﹰفى بعض الجامعات الأمريكية عند التفكيرمستقبلاﹰ فى إصلاح ما تم افساده فى مؤسسات التعليم العالى.

 

إن المجتمع المدنى والأُنظومات غير الحكومية (NGOs) أصبحت تعتبر فى مجملها، وبصورة متزايدة ، المكون الأساس لما سمى بالقطاع الثالث بأبعاده الأفقية والرأسية فى علاقاته مع القطاعات الأخرى وفى وضعه بينها. فرأسياﹰ يحتل القطاع الثالث موضعاﹰ بين المجتمع الطبيعى (natural society) وهو الأسرة والمجتمع السياسى وهو الدولة، ومهمة المنظمات الطوعية التى تعمل فى هذا المجال هى بالضرورة حماية المجتمع الطبيعى (الأسرة بمفهومها المجتمعى العام) من تغول أو تجاهل أو تقاعس المجتمع السياسى أى سلطة الدولة. أما أفقياﹰ فالقطاع الثالث يشغل المساحة بين القطاع العام والقطاع الخاص ورغم أن الحدود الفاصلة بين مختلف القطاعات غالباﹰ ما تكون مبهمة وغير واضحة المعالم فإن ثٙمة مساحات رمادية متنقلة بين القطاعات قد تتسم بدرجات متفاوته من التعاون أوالتعارض ومن تطابق المصالح أو تباعدها. إن دور القطاع الثالث هو العمل على توفيرالخدمات وخيارات الترقية الذاتية بما يخفف من تقاعس القطاع العام فى هذه المجالات ومن قصور القطاع الخاص الذى قد يحركه عامل الربح أكثر من المنفعة العامة.

 

هذا هومجال القطاع الثالث الذى يوفر البيئة الصالحة للحراك الاجتماعى للطلاب. ويمكن تعريف الحراك (activism) فى مضمونه الواسع بأنه العمل الهادف لإحداث تغييراجتماعى أو سياسى أو اقتصادى أو بيئى، من أجل مساندة أو معارضة أحد طرفى قضية خلافية. وأحياناﹰ يستعمل تعبير الحراك السياسى للطلاب كمرادف لتعبير المشاركة السياسية ويستعاض عنه أحيانا بتعبير الحراك الاحتجاجى (protest activism) ولكن هذا التعريف قد ينطبق على بعض جوانب الحراك وليس بالضرورة عليها كلها. وقد يتخذ الحراك شكل الحماية الاجتماعية (protection activism) للمدنيين فى الازمات او الحروب الأهلية خاصة التى يتم فيها استهداف المدنيين كما يحدث فى جنوب كردفان (١).

 

إن عدداﹰ من الفاعلين فى منظمات المجتمع المدنى يحتلون هذا الفضاء المجتمعى المحلى حالياﹰ وهذا التواجد المحدود نسبيا يتم رغم الصعوبات والتحديات التى ظلت تواجهه. تعمل مكونات المجتمع المدنى من المنظمات الطوعية والدعوية (advocacy) فى الأنظمة الديمقراطية فى حرية بل هى فى الواقع “جزء لا يتجزأ من النسيج الديمقراطى للمجتمع ككل بمعنى أن تكوينات المجتمع المدنى هى افضل قنوات المشاركة الشعبية فى الحكم”. اما فى النظام الراهن، شأنه شأن كل الأنظمة الشمولية، فقد تم تأميم النقابات العمالية والمهنية لتصبح من روافد السلطة والحزب الحاكم. كما ان أحزاب المعارضة التقليدية، بإفلاسها سياسيا وتشتتها تنظيميا، فقد جرى ترويضها بسياسات الترغيب والترهيب، مما ترك العمل فى ساحة القطاع الثالث محصوراﹰ فى بعض منظمات المجتمع المدنى الطوعية التى تحاول ملء الفراغات التى تغيب عنها الدولة. ولكن عليها أن تسير على حبل رفيع تحاول فيه المحافظة على استقلاليتها من ناحية وتفادى الاحتكاك مع سلطات لاتتفهم كثيراﹰ طبيعة العمل الطوعى وعادة ما تتعامل معه من منظور أمنى. وعلى خلاف ذلك فإن المنظمات الطوعية الإسلامية تتمتع بكل الميزات التى توفرها الدولة من مِنح المصارف الإسلامية والأعمال التجارية إلى التمويل غير المباشر من خلال الاعفاءات الجمركية والضريبية ودعم المنظمات الاسلامية العالمية(٢).

 

لعل هذا يفسر لحد كبير إزدواجية تعامل السلطات مع المنظمات الموالية للنظام والمنظمات المستقلة وهى ازدواجية تنسجم مع استراتيجية النظام العامة للاقصاء والاستحواذ. وهكذا بدﱠل النظام قانون مفوضية الإغاثة وإعادة البناء لعام ۱۹۸٦ بقانون مفوضية العون الإنسانى لعام ۱۹۹۹ من أجل تنظيم العمل الاجتماعى الطوعى باستبعاد العمل السياسى منه. ويبدو أن الدور الأساسى لهذه المفوضية أن تكون مٙقٙاصّة أمنية للمتقدمين للعمل الطوعى وقطع الطريق أمام من لا يتمتعون بالمؤهلات المبرئة للذمة (إسلامية كانت أو أمنية) .

 

إنه من الواضح أن حال الأنظومات غير الحكومية فى الوقت الراهن ما زال بعيداﹰ عن الأوضاع المثُلى المفُضية إلى تحقيق الاهداف الاجتماعية من ترقية الوضع القانونى الذى يوفر بيئة تحمى النشاط الطوعى، والتركيز على الديمقراطية والنزاهة والشفافية كآلية للعمل فى القطاع الثالث مع تعزيز القيم التعليمية التى تٙحضً على المشاركة الفاعلة والمستدامة. ومن هنا فقد يكون للتساؤل عن غياب أو تقاعس المجتمع المدنى له ما يبرره بشكل عام ولكنه فى نفس الوقت يجنح إلى التقليل من مساهمات ونجاحات بعض مؤسسات القطاع الثالث. فأى مساهمات ونشاطات للمجتمع المدنى، تحت الظروف القاسية التى يعيشها السودان، حتى لو كانت قاصرة أو متواضعة أو لم تؤتِ ثمارها بعد، فهى فى نهاية الأمر تمثل توجهاﹰ نحو ما هو أفضل. كما أن الدور المجتمعى الذى تؤديه، ويمكن أن تساهم أكثر فى تجويده، بعض منظمات المجتمع المدنى، كالجمعية السودانية لحماية البيئة، هو الأكثر قرباﹰ للمناخ الملائم لنقلة النشاط السياسى إلى الحراك الإجتماعى.

 

والتوجه نحو الحراك الاجتماعى لا يعنى بالضرورة عدم الاهتمام أو تجاهل الارتباط بالقضايا السياسية فهناك ارتباط عضوى بين الحراك السياسى والاجتماعى فهما وجهان لعملة واحدة. وحقيقة فإن الحراك الاجتماعى داخل القطاع الثالث فى جوهره وأساسه عمل سياسى. “إن منظمات المجتمع المدنى هى فى جانب أساسى من جوانبها تعتبر جماعات مصالح (interest groups) تنمو وتدافع عن هذه المصالح فى مواجهة المنافسين والخصوم من جماعات المجتمع المدنى الأخرى، وعلى مواجهة الدولة أيضا…وبهذا المعنى فإنها جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطى العام إن وجد فعلا، وجزء لايتجزأ من الشروط اللازمة لوجود هذا النظام وصلاحه، أو التمهيد لنشأته إن لم يكن موجودا بالفعل”(٣).

 

إن المشاركة فى الأنشطة المحلية تهدف إلى بناء المعارضة ليس فقط بمعنى الاحتجاج والمواجهه ولكن أيضاﹰ بمعنى خلق فرص ديمقراطية يتمكن الناس من خلالها التعرف على قوتهم الجماعية ومقدرتهم فى بناء التضامن الاجتماعى. “ففى أنشطة المجتمع المحلى توجد العديد من الممارسات التى قد لا تبدو معارِضة مباشرة للسلطة ولكنها تثير تساؤلات عن علاقات القوة فى المجتمع أو تقدم رؤى بديلة لنقل سلطات لقطاعات لا تمتلكها. بمعنى اّخر، العمل فى قطاع المجتمع المحلى يتيح فرصاﹰ سياسية تؤدى إلى بروز ديمقراطية المشاركة المباشرة (direct participatory democracy) التى من خلالها يمكن للعمل الجماعى أن يمارس ضغوطاﹰ للاستجابة لمطالبه من المستويات المختلفة للسلطة” (٤). يقول أحد خبراء العمل البيئى والطوعى: ” أن التغيير من المجتمعات المحلية (القاعدة) ربما يكون الطريق الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى نتيجة إيجابية وإن كان بطئ لكنه نافذ (Slow but sure) ويمكن رؤية ظواهر فى هذا الاتجاه في كثير من المجتمعات المحلية”(٥).

 

ولكن دور القطاع الثالث يتجاوز إمكانية التحول الديموقراطى ليمتد للتنمية الاقتصادية. “ان معدلات التنمية الاقتصادية قد ارتبطت ارتباطاﹰ وثيقاﹰ برأس المال الاجتماعى (social capital) أى بقوة المجتمع المدنى. منظمات المجتمع المدنى تمنح أعضاءها مجموعة كبيرة من المهارات، وشبكة واسعة من الاتصلات، تتيح لهم فرصاﹰ عديدة لبدء المشروعات الاقتصادية، من مختلف الأحجام والنجاح فى إدارتها والتغلب على المشكلات التى تواجهها”(٦).

 

تداخل قوى القطاع الثالث وتفعيل الحراك:

 

هنالك فرضية فى علم السياسة تقول إن كل السياسة محلية المصدر (“all politics is local”) بمعنى أن الهم ألاساس للعمل السياسي فى المجتمعات الديمقراطية هو التعرف على احتياجات وتطلعات الناخبين فى الدائرته الانتخابية المعنية والتجاوب معها. وهذه الفرضية تنطبق أيضاﹰ على النشاطات المجتمعية التى هى حقيقة۫ﹰ المحور الذى تدور حوله اهتمامات أى دائرة سياسية. فالتحدى إذن هو كيفية تنشيط الحراك الطلابى بتوجيهه محلياﹰ إلى جذور الدائرة الكبرى للمجتمع المدنى والتى هى تحديداﹰ المكون الأساس للحراك الاجتماعى. إن ارتباط الطلاب بمجتمعاتهم المحلية لا يعنى إعادة تعريف دور الحراك الطلابى بقدر ما يعنى تحويل مساره نحو ما يمكن أن نسميه المرجع النهائى لكل السياسات.

 

فإذا كان الهدف هو إحداث التغيير الاجتماعى فإن الحراك والعمل فى مجالات البنية التحتية للمجتمع يمثل تحدياﹰ أكبر من النشاط السياسى المحدود قطاعيا أو مطلبيا، فهو جهد ذو عائد ملموس سواء أكان ذلك بالمشاركة فى حملة تشجير أوالتصدى لكارثة طبيعية أو المساهمة فى برامج تعليمية أو الريادة فى التعبئة لمقاومة تغول على ميدان عام، على سبيل المثال لا الحصر. من شأن هذه النشاطات أن تغذى الشعور بالمسئولية الوطنية والوعى الثقافى كما من شأنها ترسيخ مفاهيم التكافل المجتمعى والتفاؤل الجماعى بطريقة قد تفتح الاؔفاق لحراك سياسى طلابى أكثر طموحاﹰ وأقوى تفاعلا وبالتالى أوفر نجاحاﹰ.

 

ومما لا شك فيه أن ضعف التجاوب أو التلاحم الشعبى قد أصاب الحراك السياسى الطلابى بكثير من الاحباط والاستياء. ولكن ماذا يكون موقف قطاعات المجتمع المختلفة وهم يرون الطلاب الذين يتصدون للحراك السياسى ويتعرضون لآليات القمع الأمنى هم أنفسهم من دفعوا فاتورة العمل المجتمعى بالمساهمة بطريقة أو بأخرى فى خدمة مجتمعهم المحلى؟ عندها قد يصبح التردد بسبب البديل الذى يخشى الكثيرون من تكراره غير ذى موضوع لأن الشباب الذى عرك العمل الاجتماعى والسياسى وعانى بسببه سيصبح من العسير أن تنسحب عليه نفس الخيارت التقليدية التى أتت فى أعقاب ثورتى أكتوبر ۱۹٦٤ وأبريل ١۹۸٥.

 

وبالرغم من السلبيات الهائلة لسياسات التعليم العالى والضغوط الهائلة التى وضعتها على كاهل الطلاب وحال القنوط والاحباط الذى ولدته، فضلاﹰ عن تدنى مستوى و نوعية التعليم، فلا يزال هناك مجال للتفاؤل بإمكانية حراك طلابى يفضى إلى الحراك الاجتماعى المنشود. فثمة قوىٔ تتداخل و تتفاعل ربما تجعل من احتمال تفعيل هذا الحراك أمرا ممكناﹰ.

 

أولاﹰ، إن ازدياد المنظومات غير الحكومية عالمياﹰ وإقليمياﹰ وقومياﹰ فى البلاد المتقدمة فى المركز كما فى دول الاطراف ((peripheries وتنامى التواصل بينها عبر الحدود القطرية والاقليمية ، قد أثار بعض الأسئلة عن علاقة العولمة، كمشروع ذى جذور رأسمالية عميقة، بهذا الانتشار الهائل لهذه المنظمات الطوعية. وبغض النظر عن المسألة الخلافية فى أن هذا الانتشار تزامن صدفةﹰ مع سياسات العولمة أو أنه جاء كٙمٙصلٍ لعلاج بعض آثارها السالبة، فمن الواضح أن بعض أوجه العولمة أفادت المنظمات الطوعية بطريقتين متداخلتين: من ناحية فإنها غيرت ميزان القُوى بين القطاع الخاص والعام، وأوجدت فرصاﹰ وإمكانات لتعزيز القطاع الثالث خاصة فى مجال الحراك الدعوى (advocacy activism). وفى نفس الوقت فإن ثورة المعلومات، التى لازمت العولمة، قد فتحت مجالات المعرفة والتكنلوجيا للكثيرين مما جعل القضايا المتعلقة بحقوق الانسان (فى الديمقراطية وحق العمل وحماية البيئة والأمن، الخ) هماﹰ عالمياﹰ. ولهذا فمن الراجح أن الأُنظومات غير الحكومية ستزداد أهميتها وأن أداء الخدمات سيشملها دٙرٙجاً ويُقًرب دورها من عملية صنع القرار(٧).

 

إن هذا التقدم على الساحة العالمية والذى يبدو فيه تطابق الأجندة الايجابية للعولمة مع أهداف منظمات القطاع الثالث العالمية (تعزيز الاستقرار السياسى والتلاحم الاجتماعى فى الأطراف، دعم المجموعات المهمشة، التركيز على حقوق الإنسان، الخ) صاحبه على المستوى الاقليمى إفساح لها متصاعد وإسماح من قِبل الدولة وقبول نسبى بالدور المتنامى لمنظمات القطاع الثالث خاصة۫ بعيد اتفااقية السلام الشامل. بل إنه لبضع سنين كانت هناك حركة لربط بعض المنظمات المحلية والقطرية برصيفاتها الاقليمية وتمديد الربط ليشمل المنظمات العالمية المماثلة. إن الشبكة الاقليمية والعالمية لهذه المنظمات تجعل من مقدرة الأنظمة الاستبدادية على المستوى المحلى أشد صعوبة فى كبت التحركات والمبادرات للتنظيم الجماعى، كما ان هذه الشبكة توفر الموارد والنموذج لإنشاء انظومات جديدة وتساعد فى استدامتها.

 

ثانياﹰ، ومن ناحية ايجابية فإن انتشارالمنظومات المحلية المستقلة من شأنه أن يساعد الحراك الطلابى بوسائل عدة. ذلك أنه فضلاﹰ عن الدروس المستفادة من تجاربها فإنه بامكان هذه المنظمات القيام بدور الوسيط لدى الجهات المانحة نيابة عن جماعات الحراك الطلابى الناشئة أو استيعابهم كشركاء فى مشروعات مشتركة لفترة محددة. كما يمكن لمجموعة ناشئة الالتحاق بغرض التدرب واكتساب الخبرة (internship) بمنظمة مناسبة حسب نشاطها الاجتماعى أو المشروع الذى تعمل فيه (ويبدو أن بعض المجموعات الطلابية تحركت فعلاﹰ فى هذا الاتجاه). وبإمكان المنظمات العريقة المستقلة أن تشكل رابطاﹰ ومرتكٙزاﹰ ومنسقاﹰ للعديد من جماعات الطلاب التى قد تنشط بمعزلٍ بعضها عن بعض فى مشاريع مختلفة وأقاليم ومناطق متباينة. مثلاﹰ ليس هناك ما يحول بين رابطة أبناء حلفا القديمة فى الجامعة الاهلية ورابطة أبناء قبيلة البارى فى جامعة جوبا من تبادل الرأى والخبرة فى النشاطات المتشابهة أو حتى تبادل الناشطين بطريقة مشابهة لبرامج التبادل العلمى بين المؤسسات الأكاديمية. ولعل مثل هذا التبادل الشمالى-الجنوبى يكتسب أبعاداﹰ إيجابية فى خلق مناخ متعافٍ نسبياﹰ وسط الاجيال القادمة فى البلدين.

 

ثالثاﹰ، إن مثل هذا التعاون من شأنه أن يوجه تركيز هذه الروابط المحلية إلى الداخل كقُوىً جاذبة (centrifugal) بدلا من احتمال توجهها خارجيا كقُوىٔ طاردة (centripetal)، كما من شأنه أن يحول، بِمٙرً الزمان، انكفاءها على ذاتها إقليمياﹰ وعرقياﹰ إلى انتماء تحت مظلة قومية لتنظيم جماعى ذى قاعدة طلابية عريضة. وعندما ينضج الحراك الاجتماعى فإنه من غير المستبعد أن الصلات التى أقُيمت مع المنظمات غير الحكومية فى المرحلة التأسيسية سترقى إلى مثل مكانة الشراكة التى ٙرتٙقٙت النشاط الطلابى السياسى إلى النقابات العمالية والمهنية إبان النضال فى عهود سالفة.

 

رابعاﹰ، لعله من المفارقة أن ُفرصاﹰ وفتحاﹰ فى مجال النشاط الطلابى قد تكون وفرتها – عن غير قصد – بعض أوجه سياسات ثورة التعليم العالى. فالجامعات الجديدة فى أقاليم البلاد واطرافها تُقٗرب الطلاب إلى محلياتهم وتجعل من النشاط المحلى أمراﹰ أقل تعقيداﹰ من ناحية تنظيمية وأشد إلحاحاﹰ وأكثر فائدة وأكبر عائداﹰ للناشطين ولمجتمعهم. وحتى الإعسار المالى المتصل بسكن ومواصلات الطلاب فى الجامعات فى الحضر، وفصل الشأن الأكاديمى عن غيره من القضايا والمناشط التى تحدث فى الحرم الجامعى، يمكن أن يخدم هدفاﹰ تربوياﹰ إذا قرّب الطلاب من المجتمع وشحذ إحساسهم بالأوضاع التى يعيشها السواد الأعظم من الناس.

 

خامساﹰ، إن النسبة العالية للبطالة وسط خريجى الجامعات دفعت بأعداد منهم ليبحثوا عن دراسات عليا ليست لها صلة بتخصصاتهم الأكاديمية أو بالمهنة التى قد يمتهنونها، أو يهدروا مواهبهم فى مجالات عمل لا ترضى طموحهم ولا ترقى لمؤهلاتهم. إن طاقات هؤلاء ومقدراتهم وأوقاتهم ربما كان الأجدى لها أن تُوظف فى خدمة مشروعات تختص بالمجتمع المحلى. إن المنظمات المستقلة بإمكانها أن تُساعد على فعل ذلك (وبعضها قد بدأ هذا الجهد فعلاﹰ) بتعزيز التدريب وتوفير الفرص والإمكانات.

 

سادساﹰ، إن التطورات الداخلية فى السودان رغم المأساة التى تكتنفها – ولعله بسببها – تشكل حافزاﹰ قوياﹰ لحراك الطلاب الاجتماعى خاصة بعد انحسار الموجة الأخيرة (فى ٢٠١٢) للتحرك السياسى فى مواجهة القمع الأمنى. ثم إن النسبة العالية للبطالة وسط خريجى الجامعات، بسسب التوسع الكمى، نتج عنها طاقات ومقدرات مهدرة يمكن أن تُوظف فى خدمة مشروعات مجتمعية وفى نفس الوقت تساعد على حل النقص فى الكوادر الطوعية الذى تعانى منه معظم المنظمات المحلية. كما ان النزوح الهائل الذى يحدث فى مختلف أنحاء البلاد، نتيجة لحرب تشنها الدولة على مواطنيها فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق او لاعادة توطين قسرية ظالمة لمناصير ولاية النيل هو دافع قوى للحراك الإجتماعى أو ينبغى أن يكون، خاصة فى أوساط ابناء المناطق المنكوبة. وقد بدت فعلا فى مناطق مختلفة بوادر تحرك اجتماعى اتخذ فى بعضها طابع المقاومة المسلحة، فسياسات النظام الرعناء وفساده المتفشى فى كل المجالات من شأنه ان يدفع اكثر الناس صبرا واستكانة الى صيحة “كفاية!” وليس هناك ما هو اكثر تعبيرا لما يموج فى أفئدة الشباب من كلمة “قرفنا”. وفى مفارقة تبعث على التفاؤل فان هؤلاء الشباب ولدوا أو نشأوا تحت حكم الانقاذ ولم يعرفوا غيره.

 

وأخيراﹰ، فإن أهل الاطراف هم تقليدياﹰ مصادر لبعض الممارسات التى تبدو بدائية بمفهومنا العصرى ولكنها تُنبىء عن طاقة خلاقة وإبداع فطرى. ففكرة “النفير” مثلاﹰ فيها مغازِ إشتركية قد تكون بسيطة هيكلياﹰ ولكنها تحمل معانى التضامن الجماعى فى ابسط واعمق صوره. ورغم ما يبدوعلي مثل هذا الابداع من بساطة لا تخلو من رومانسية، فمن شأنه أن يشحذ الهمم عند التصدى لمشاكل التغييرالمعقدة: إبتداع الحلول وإستلهام الابتكار.

 

جاء ʼنفيرʻ الشباب فى خريف ٢٠١٣ ليؤكد تأصل هذا المفهوم فى الوجدان السودانى فى تصديه لكارثة السيول والفيضانات وقد كان مثالا رائعا لحراك جماعى بمبادرة فريدة لم تأتِ من منظمة أو حزب سياسى أو تنظيم حكومى أو وكالة اغاثة اقليمية أو دولية ولكن من مجموعة من الشباب والأصدقاء وظفوا التكنولوجيا الحديثة للتواصل والتفاكر والتخطيط لبعث وتحديث ارث النفير فى العرف التواصلى والعمل الطوعى فى السودان. وكما وصف احد الصحفيين جهود الأفواج التي تدافعت للمساعدة فى مناطق الوحل والطين: “شكراً للأمطار، بهؤلاء – وغيرهم كثر – لاخوف على بلادنا وتغيير واقعها البائس.. فالذي ينقذ المواطن من الموت غرقاً أو جوعاً، لن يعجز عن إنقاذ الوطن!”(٨). ورغم فشل الحكومة فى اجهاض الحملة بوضع العراقيل امامها ٳلا انها رصدت بالتأكيد الابعاد السياسية والامنية لذلك الحراك. وعندما تفجرت انتفاضة سبتمبر هرع النظام فى تفعيل سياسة القهر والعنف فاغتال بخسة وجبن اكثر من مائتى شهيد واعتقل وعذب الألاف لاحتواء حراك وتحدى شعبى هز أركان حكمه وكسر هيبة سلطته وكشف التآكل والتشرذم الذى بدأ ينخر داخل هياكله.

 

الخلاصة:

 

بالرغم من السلبيات الهائلة لسياسات التعليم العالى فلا يزال هناك مجال للتفاؤل بإمكانية حراك طلابى يفضى إلى الحراك الاجتماعى المنشود. فإزدياد المنظومات غير الحكومية عالمياﹰ واقليمياﹰ وقومياﹰ وتنامى التواصل بينها عبر الحدود يشكل ضغوطاﹰ لقبول نسبى بدورها المتنامى من قِبل الدولة. وفى نفس الوقت، فان ثورة المعلومات التى لازمت العولمة، قد فتحت مجالات المعرفة والتكنلوجيا للكثيرين مما يجعل مقدرة الانظمة الاستبدادية على المستوى المحلى أشد صعوبة فى كبت التحركات والمبادرات للتنظيم الجماعى. كما أن هذه الشبكة للمنظمات الطوعية توفر الموارد والنموذج لانشاء انظومات جديدة وتساعد فى استدامتها.

 

إن طبيعة العمل الذى تقوم به بعض المنظمات الطوعية مثل الجمعية السودانية لحماية البيئة يرتبط أساساﹰ بالتواصل المجتمعى وخصوصاﹰ فى الأطراف المهمشة. إلا أن الاعتماد شبه الكامل على التمويل الخارجى لا زال يشكل اشكالا كبيرا. ومن أوجه القصور المرتبطة بمشاكل التمويل عدم الاستفادة بطريقة أفضل من مقدرات الأعضاء والمتطوعين وذوى الخبرات المتخصصة. ولعل هذا القصور يمكن تخفيف حدته إذا تمكنت الحركة الطلابية من تفعيل الحراك الاجتماعى وقامت المنظمة بجهود أكثر لتحفيز ومساعدة هذا التفعيل من خلال حملات توعية أوسع مجالاﹰ فى مؤسسات التعليم المختلفة خاصة الجامعات(٩).

 

تٙتٙوٙسّلُ جامعة الأحفاد للبنات لتحقيق اهدافها باستخدام مجموعة من الآليات لعل أهمها الدخول على المجتمع المحلى، والإرشاد الريفى وبرامج الزيارات الميدانية لمعرفة قضايا المنطقة – لا سيما قضايا المرأة – وجمع المعلومات وتحليلها ومن ثم ايجاد الحلول لها(١٠). وهذه التجربة الرائدة ، بإيجابياتها وسلبياتها، لها أهميتها فى فهم المكون التعليمى للتواصل المجتمعى وفى إمكانية الإحتذاء ببعض جوانب التجربة فى عمليات الاصلاح الجامعى فى المستقبل. كما توجد نماذج حية للحراك الاجتماعى تم صقلها وتجويدها فى بعض الجامعات الامريكية ويمكن أن تفتح فرصاﹰ لمجاراتها مثل نموذج التعليم الموجه لخدمة المجتمع المحلى (أى ربط مٙنح الدرجة الجامعية بالخدمة التى يقدمها الطالب لمجتمعه) وهى اقرب إلى تجربة جامعة الأحفاد وأنماط أخرى مستحدثة من التفاعل بين الطالب والمؤسسة التعليمية والقطاع الخاص.

 

ولعل من المهم الإحتذاء بالنمط الأمريكى فيما يختص بالكليات المجتمعية (community colleges) فالكثير من الجامعات التى جاءت بها ثورة التعليم العالى لا تمُلك من مكونات الجامعة إلا الإسم وقد يكون من الأجدى عند النظر فى الاصلاح مستقبلا التفكير فى امكانية تحويلها إلى كليات مجتمعية على النمط الامريكى على أن تكون مناهجها مؤسسة على إحتياجات المجتمع المحلى فى كل كلية. إن هذا بدوره يفتح مجالات أوسع للطلاب فى تلك المناطق ليس فقط فى الحراك الاجتماعى بل فى تشجيع هذه النقلة التعليمية بدلاﹰ من القنوع بشهادات جامعية قد لا تساوى الورق الذى كُتبت عليه عند تقييمهاعلمياﹰ وعالمياﹰ. اذا كانت ثٙمٙة رؤية مستقبلية لاصلاح التعليم فلعلها تكمن فى ربطه أكثر بهموم واحتياجات المجتمع وهذا بدوره قد يجعل من احتمال تفعيل الحراك ليس فقط ممكناﹰ بل راجحاﹰ وربما فى نهاية المطاف حتماﹰ مقضياﹰ.

 

وفى خاتمة الامر فإن الحراك الاجتماعى ينطوى على عمل طوعى بطبيعته وينبغى أن ينطلق بٙدأﹰ من ضمير الطالب الفرد وقناعاته الذاتية. ولكن ثٙمٙة تفاؤل بأن ذات الروح التى ولدت الحراك السياسى الطلابى فى الماضى لا يمكن كبتها الى ما لا نهاية وان كل تحرك نحو إحداث قدر من التغيير وإن يكُ محدوداﹰ فإنه يأتى بمناخ من المُرج٘ح أن ينمو فيه الحراك الطلابى و يزدهر.

 

 


 

الهوامش والمراجع:

 

(۱) لنعريف الحراك انظر Wikipedia “Student Activism” http://en.wikhpedia.org وعن القطاع الثالث أنظر:

James J. Courchene, “The Third Sector”, Panel Presentation to the Conference on The financial Environment of Nonprofit and Voluntary Organizations, School of Policy studies, Queen University, Canada October 2003

للحراك الاجتماعى كحمايىة اجتماعية وخاصة دور (منظمة نساء جنوب كردفان) فى حماية المدنيين بدعم من منظمات المجتمع المدنى المحلية والعالمية أنظر (ًWomen-led Protection during War in South Kordofan) فى الموقع الالكترونى لمنظمة (Local to Global Protection)

 

(۲) سامية الهادى النقر: الجمعيات غير الحكومية والاسلام السياسى فى السودان (مركز الدراسات العربية والافريقية، مطبعة مدبولى، القاهرة،۲۰۰٦) ص۷۵-۷۹. وترى سامية النقر أنه بينما تبنت كثير من المنظمات الطوعية الإسلامية والعلمانية أهدافا متعلقة بتمكين النساء ورعاية الطفولة فإن معظم المنظمات الإسلامية تتحاشى التعاطى مع الأهداف المتصلة بالفوارق الإجتماعية أو الصحة الإنجابية أو حقوق الإنسان لأن هذه قضايا لا يستسيغها بعض القادة الإسلاميين. كذلك فإنه بينما تتكاثر أعداد المنظمات المستقلة التى تسعى لإفشاء ثقافة السلام والديمقراطية فإن المنظمات الإسلامية تتعامى عن هذه القضايا.

 

(٣) سعد الدين إبراهيم فى مقدمته “المجتمع المدنى والتحول الديموقراطى فى الوطن العربى” فى كتاب حيدر إبراهيم على: المجتمع المدنى والتحول الديموقراطى فى السودان مركز ابن خلدون مع دار الأسين للنشر والتوزيع، صفحة ۷

 

(٤) Eric Shragge, Activism and Social Change: Lessons for Community and Local Organizing (Broadview Press, Toronto, Canada, 2003) p.43

 

(٥) يرى دكتور عيسى عبد اللطيف فى افادة الكترونية أن توجه بعض هذه المجتمعات المحلية نحو العون الذاتى بجهد أبنائهم وامكانياتهم المحلية يرجع اساسا لفشل السلطات – عن قصد أو تقاعس – ليس فقط فى توفير بعض الخدمات الضرورية بل فى أهدار الموارد المحلية. ولعل تجربة سد مروى خير دليل لهذا الاهدار الذى يصل حد الاجرام “فالمنشآت التي بنيت كملحقات للسد وصُرف عليها مليارات ظلت قابعة دون تشغيل ولا أحد يدري لمن تم بناؤها أصلاً، بل ان المنطقة التي تحتضن سد مروي هي أكثر المناطق انقطاعاً للتيار الكهربائي الذي قيل أنه الغرض الأساسي للسد”. ومن المشاريع المحلية التى اضطلع ابناء منطقة كريمة-مروى بتنفيذها منذ أكثر من ٥ سنوات مشروع سقيا وتحسين صحة البيئة بالمدارس وتطوير لمستشفى كريمة الريفي الذي يخدم منطقة شاسعة وعلاج وتعليم المحتاجين واقامة ندوات للتوعية بمشاكل المجتمع وكيفية الوقاية من المشاكل الصحية رغم العراقيل التى تضعها السلطات المحلية والجبايات التى تقوم بجمعها من هذه الانشطة المحلية”. ويرى دكتورعيسى ان هذا الجانب المهم من الحراك المحلى يمكن أن “يساهم في تأطير وترسيخ أسس التحاور الديمقراطي والتفكير المنظم لحل المعضلات الإجتماعية والإقتصادية الضاربة جذورها في سياسة الحكومة”. وقد يكون من دواعى التفاؤل أن أبناء وبنات مجتمعات كثيرة في مختلف بقاع السودان يقومون بمثل هذا العمل لنفس الأسباب.
لتفاصيل كاملة وموثقة عن خلفية ومشاكل وملابسات بناء سد مروى أنظر: على خليفة عسكرى: خزان الحماداب: نموذج الاسلام السياسى للٳفقار ونهب الموارد ( دار كيمبردج للنشر : ٢٠١٣)

 

(٦) سعد الدين أبراهيم مصدر سابق ص ۹ ويشير سعدالدين الى كتاب للعالم الاجتماعى الأمريكى روبرت بوتنام يذكر فيه ممارسات “جمعيات الإدخار الدوارة” (Rotating Credit Associations) وهى نموذج لأصغر تكوينات المجتمع المدنى، مما شائع عندنا بعملية “الصندوق”.

 

(٧)Courchene مصدر سابق

 

(٨) الطاهر ساتى، صحيفة الراكوبة ١١/٨/٢٠١٣

 

(٩) لمزيد من المعلومات عن نشاط الجمعية السودانية لحماية البيئة أنظر (SECS Strategic Plan (2004-2013) Khartoum, August 2003 pp. 13-14) و (الجمعية السودانية لحماية البيئة، الدورة الخامسة عشر، خطاب المؤتمر العام غير الاجرائى، ۲۰۱۲)

 

(١٠) لدراسات عن دور جامعة الأحفاد للبنات فى التواصل المجتمعى أنظر

Tadamunn: Towards Civic Engagement in Arab Education 13-14 October: The American University of Cairo. The Role of Universities in Promoting Civic Engagement and Social Responsibilities: the Case of Ahfad University for Women. October 2008

Dr. Shadia A. Mohamed, Rural Extension Trips: A Manual for Supervisors


 

Back to Top