Mohamed Beshir Hamid

هواجس ساخرة (١): بوتين وبشار والانتنوف وأنا

Al-Rakopa 18 December 2012

بوتين وبشار والانتنوف وأنا

 

 

رن هاتفى المحمول ولم أصدق عينىؐ وأنا أرى اسم الشخص الذى يطلبنى وللحظةٍ فكرت فى تجاهل المحادثة ولكن الفضول غلبنى:

 

تُرى ماذا يريد منى الرفيق بوتين بعد كل هذه السنين الطوال التى مرت منذ رئاسته لسيئة السمعة وكالة المخابرات السوفيتية  KGB فى الاتحاد السوفيتى القديم الى تتويجه مرتين قيصرا لامبرطورية روسيا الجديدة؟

 

بادرنى بالسؤال: “هل أنت محمدوف بشيروفتش حامديترى؟”

 

فأجبت: “نعم أيها الرفيق بوتين”

 

فقال فى حدة: “خلاص حكاية رفيق دى خليناها من زمان. أنت لسع بتدرِس علوم سياسية يا محمدوف بشيروفتش؟”

 

أجبت: “أبدا سيادة الرئيس فقد تمت إحالتى منذ سنوات طويلة لما يُمكن أن نسميه مجازا المعاش الاجبارى وأنا لم أتخطُ الاربعين حينذاك. لكن المشكلة ايه سيادتكم؟”

 

فقال ونبرة من الحزن تطغى على لهجته: “بصراحة كده يا محمدوف بشيروفتش كل المستشارين السياسيين بتاعينى مختلفين نعمل شنو فى هذا البشار الأسد. قلت أشوف واحد من عملائنا القدامى فى المنطقة يمكن تكون عنده فكره وكده”

 

فكرت للحظة أن أقترح عليه الاستعانة باحد المستشارين فى رئاسة جمهوريتنا (ولا أدرى لماذا قفز الى ذهنى اسم “الطفل المعجزة”) ولكن تذكرت أنه عملا بسياسة التقشف الأخيرة فى المناصب الدستورية فقد جرى تقليصهم الى اربعمائة مستشار فقط ولا شك أن جميعهم مشغولون هذه الأيام بفك طلاسم المشكلة “القوشية” وتحليل الاشكال “الغازى” فى المسالة الخلافية للحركة الاسلامية وبدراسة التداعيات الكروية لقيام المريخ بتسجيل هيثم وعلاء نكاية فى الأسرة الهلالية.

 

وبعد تفكير طويل قلت: ” والله ياسيادة الريس مشكلة بشار دى معقدة شوية ولازم الحل يكون جذرى فاذا كان بيدك اوراق خاسرة فالاحسن تقلل خسائرك ذى ما بقولوا اصحابنا الامريكان cut your losses واتخارج وكده وألعب باوراق جديدة وأفتكر فى هذه الحالة الميؤس منها ترسلوا للرفيق بشار طيارة أنتنوف من الموديل البعتوه لينا زمان وتطلبوا منو يجى موسكو للتشاور وقبل ما يصلكم تكون مشكلتكم أنحلت. بس سيادتك تتأكد الطيارة دى من دمشق لموسكو طوالى يعنى ما تلف جاى ولا جاى.”

 

قال بوتين وقد ظهرفى صوته الارتياح: “تفتكر كده يامحمدوف بشيروفتش؟ طيب ورينا نرسل ليك الروبالات فى أى بنك؟”

 

قلت على استحياء: “والله سيادتكم بصراحة الروبالات بتاعتكم دى بقت ما بتخارج فلو ممكن تدفعوا بالدولار الايام دى شايفو طالع شديد وبالعدم ممكن ترسلوا شوية كلاشنكوف وK49 فالسلاح سوقه كمان مولع نار”.

 

فرد بوتين ببروده المعتاد: “طيب نرسل ليك مجموعة من السلاح وكويس ذكرتنى بالانتنوف فهى احسن وسيلة لتوصيله لمطار الخرطوم اذا سمحت لينا أسرائيل بأختراق مجالكم الجوى”.

 

وقبل أن أصيح به أننى أقبل الدفع بالروبل كان الملعون قد قفل الخط. وجلست أفكر فى هذه المصيبة التى قادنى جشعى اليها ووصلت الى قناعة انه للتكفير عن الجريمة التى سوف أرتكبها عند تحطم الأنتنوف فى مطار الخرطوم فعلى الأقل يمكننى أن اخبر احد طالبى “الشهادة” بالتواجد على ممر الهبوط بالمطار ليلبى رغبته الشديدة تلك ولكن المشكلة أن بوتين لم يخبرنى بميعاد وصول الأنتنوف. فهل من الشهامة أن أطلب من طالب “الشهادة” هذا أن يعسكر فى ممر الهبوط لفترة قد تمتد لأيام أو أسابيع يجمد خلالها أعماله الدستورية الهامة؟ ثم من يدرينى أن بنى أسرائيل سيوافقون على اختراق الروس لمجالنا الجوى وإن انتابنى احساس قوى بموافقتهم الفورية حال علمهم بالهوية “الانتنوفية” للطائرة المعنية.

 

وأنا فى هذه الحالة من التشتت الذهنى والصراع النفسى تتدافعنى هواجس متضاربة رن هاتفى الجوال ولم أصدق عينىۡ وأنا أرى اسم الشخص الذى يطلبنى وللحظة فكرت فى تجاهل المحادثة ولكن الفضول غلبنى:

 

تُرى ماذا يريد منى الرئيس الامريكى باراك اوباما؟ ولكن تلك قصة آخرى.

 

_________________________

الاسبوع القادم فى هواجس ساخرة: “يوم ُيذبح الثور الابيض”

أو لماذا يطلب الرئيس اوباما مساعدة سودانية لتسهيل انفصال تكساس وستة ولايات جنوبية آخرى عن باقى الولايات المتحدة الامريكية؟

 


www.alrakoba.net 

Back to Top